نص : نحو إلدورادو عالمي.
كتب الفيلسوف الفرنسي فولتير Voltaire ،رواية عميقة المعاني و الدلالات سنة 1759 ،عنوانها كانديد Candide . بطلها يحمل نفس الاسم :كانديد. أي الساذج و البسيط التفكير، لكن نوائب و عاديات الزمن ستجعله إنسانا محنكا وحكيما . و ذلك خلال رحلاته المفروضة عليه فهو مدفوع بقوة خفية دوما ، منذ أن تجرأ على تقبيل ( كينِگوند Cunégonde ) ابنة خاله البارون الذي رباه في قصره رغم أنه ابن غير الشرعي. ولأنه ساذج فهو لم يراع ا لفوارق الموجودة بينهما، مما جعل البارون يطرده من القصر طِردة شبيهة بتلك التي تعرض لها أبو البشرية آدم عليه السلام، لما عصا الأوامر الإلهية و انصاع لوسوسة الشيطان مادّاً يده إلى فاكهة شجرة الخلد ليطرده الخالق من جنة عدن ويهبط إلى دار الشقاء. ادن فكانديد ستتقاذفه الأحداث المؤلمة بمجرد مغادرة القصر، مما سيجعله يتخلي عن سذاجته التي تعتمد التحليل البسيط للأمور والتي مفادها ان الشر ضروري في هذه الحياة إذ لولاه لما عرفنا الخير. و طبعا هذه فكرة الفيلسوف الألماني ليبنز وكاتب رواية كانديد يحاول دحضها بمختلف الحجج. أهمها في نظري حجة: الشرور الإنسانية التي يرتكبها الإنسان كالحروب المدمرة. و حجة الكوارث الطبيعية التي لا تعاقب الشرير وحده بل و الخيِّر معه على حد سواء كالزلازل أو الفيضانات .
بعد رحلة طويلةسيتفاجأ البطل كانديد
وهو دائما في حالة فرار من خطر ليقع في آخر أكبر ، سيتفاجأ عندما سيصل بالصدفة،
عبر قارب بإحدي القنوات الجوفية إلى منطقة بالبيرو الحالي كانت تضم حضارات عميقة الجذور الا وهي الإنكا و الأزتبك . فقد و جد عالما مختلفا عن أوروبا، عالما خاليا ََ من كل الشرور، فلا جريمة ولا سجون ولا قصر المحكمة وبالتالي لا. قضاة َ و لا محامون . لافقير ولا محتاج بل إن الأطفال يلعبون في الشارع بالاحجار الكريمة كالزمرد حتى إن الرصيف َمعد بصخور من الذهب. كل شيء بالمجان الأكل والفندق، كل الناس مشغولة بواجبها دون مراقبة. وكلهم في خدمة بعضهم البعض دون حسد أو رياء.
هناك اهتمام بالعلم والفكر والمساواة بين الجنسين و الحب بل حتى الفناء غير موجود ..
لكن هذه الحضارة التي يبدو للبعض انها مجرد طوباوية تخيلها فولتير ، يؤكد التاريخ أنها كانت بالفعل،رغم بعض الجوانب التي هي من بنات أفكار فولتير ، ولكنها تعرضت للسلب والنهب من طرف الغزاة الإسبان المتعطشين للدهب و الدماء.
و إذا كان كانديد قد توصل إلى حكمته المشهورة، مستلمها الفلسفة الإسلامية " علينا الاعتناء بحديقتنا:
" Il faut cultiver notre jardin"
فإننا إليوم نسير نحو تلك الطوباوية. بعض معالمها صارت واقعا نعيشه.:
هكذا تحولت وظيفة الأجهزة الأمنية من وظيفة قمعية إلى أجهزة تلتحم مع المواطن وتخاف عليه وتتوسل إليه أن يحمي نفسه .
تساوى الفقير و الغني . كلاهما َمعرض لنفس المصير. ويتلقيان نفس العلاج بنفس المشفى. لا فرق بين وزير أو غفير.
الأطفال يتلقون نفس التعليم وبنفس الوسيلة. وصاروا مراقبين من طرف آبائهم، بعدما كان البعض منهم لا يختلف عن أطفال الشوارع. و الشوارع أضحت نظيفة من الأوساخ المتراكمة، و المشردين َ و المتسولين و النشالين و هناك من يفكر في وضعهم و تم جمعهم في أماكن أجمل و أنظف.كما أن الفقراء يتلقون معونات مادية و عينية..
المقاهي والحانات مغلقة في وجوه الكبار و الصغار والمكان الوحيد المسموح به هو البيت.
فكم من بيت لا يجتمع أفراد الأسرة به إلا نادرا.
وصار العمل غير ذي جدوى مادامت النقود أيضا قد فقدت بريقها أمام أهمية العناية بالإنسان وبنائه نفسيا وجسميا. وهكذا لاحظنا قلة الجرائم .
صار الهواء نقيا خال من تلك الأدخنة الخانقة. كثرت العصافير و ازداد تغريدها..
قل التلوث البحري وظهرت انواع من الأسماك كانت لا تطفو على السطح.. ثقب الأوزون بدأ يلتئم و أهم شيء على الإطلاق هو الدعوة إلى توقف الحروب على الصعيد العالمي. أليست هذه طفرة جيدة. سيعم السلام العالم من كان يصدق. ألا نسير نحو إلدورادو جديد؟
فهل نحن أمام إلغاء الصراع الطبقي داخل المجتمعات و على المستوى العالمي أيضا .؟ ليس كما كان يبشر به الكاتب الأمريكي ماركوز في( الإنسان ذو البعد الواحد). وما سيأتي سيكون أحسن و أجمل. لكن إن كنا نتضرع لله بتخفيف الوباء ورفعه بالمرة و عودة الحياة إلى مجراها فلا نريد الانتكاس. نتمنى أن تختفي كل الشرور من العالم. فهل هذا ممكن.؟
عمر بنحيدي 2020/16/4
كتب الفيلسوف الفرنسي فولتير Voltaire ،رواية عميقة المعاني و الدلالات سنة 1759 ،عنوانها كانديد Candide . بطلها يحمل نفس الاسم :كانديد. أي الساذج و البسيط التفكير، لكن نوائب و عاديات الزمن ستجعله إنسانا محنكا وحكيما . و ذلك خلال رحلاته المفروضة عليه فهو مدفوع بقوة خفية دوما ، منذ أن تجرأ على تقبيل ( كينِگوند Cunégonde ) ابنة خاله البارون الذي رباه في قصره رغم أنه ابن غير الشرعي. ولأنه ساذج فهو لم يراع ا لفوارق الموجودة بينهما، مما جعل البارون يطرده من القصر طِردة شبيهة بتلك التي تعرض لها أبو البشرية آدم عليه السلام، لما عصا الأوامر الإلهية و انصاع لوسوسة الشيطان مادّاً يده إلى فاكهة شجرة الخلد ليطرده الخالق من جنة عدن ويهبط إلى دار الشقاء. ادن فكانديد ستتقاذفه الأحداث المؤلمة بمجرد مغادرة القصر، مما سيجعله يتخلي عن سذاجته التي تعتمد التحليل البسيط للأمور والتي مفادها ان الشر ضروري في هذه الحياة إذ لولاه لما عرفنا الخير. و طبعا هذه فكرة الفيلسوف الألماني ليبنز وكاتب رواية كانديد يحاول دحضها بمختلف الحجج. أهمها في نظري حجة: الشرور الإنسانية التي يرتكبها الإنسان كالحروب المدمرة. و حجة الكوارث الطبيعية التي لا تعاقب الشرير وحده بل و الخيِّر معه على حد سواء كالزلازل أو الفيضانات .
بعد رحلة طويلةسيتفاجأ البطل كانديد
وهو دائما في حالة فرار من خطر ليقع في آخر أكبر ، سيتفاجأ عندما سيصل بالصدفة،
عبر قارب بإحدي القنوات الجوفية إلى منطقة بالبيرو الحالي كانت تضم حضارات عميقة الجذور الا وهي الإنكا و الأزتبك . فقد و جد عالما مختلفا عن أوروبا، عالما خاليا ََ من كل الشرور، فلا جريمة ولا سجون ولا قصر المحكمة وبالتالي لا. قضاة َ و لا محامون . لافقير ولا محتاج بل إن الأطفال يلعبون في الشارع بالاحجار الكريمة كالزمرد حتى إن الرصيف َمعد بصخور من الذهب. كل شيء بالمجان الأكل والفندق، كل الناس مشغولة بواجبها دون مراقبة. وكلهم في خدمة بعضهم البعض دون حسد أو رياء.
هناك اهتمام بالعلم والفكر والمساواة بين الجنسين و الحب بل حتى الفناء غير موجود ..
لكن هذه الحضارة التي يبدو للبعض انها مجرد طوباوية تخيلها فولتير ، يؤكد التاريخ أنها كانت بالفعل،رغم بعض الجوانب التي هي من بنات أفكار فولتير ، ولكنها تعرضت للسلب والنهب من طرف الغزاة الإسبان المتعطشين للدهب و الدماء.
و إذا كان كانديد قد توصل إلى حكمته المشهورة، مستلمها الفلسفة الإسلامية " علينا الاعتناء بحديقتنا:
" Il faut cultiver notre jardin"
فإننا إليوم نسير نحو تلك الطوباوية. بعض معالمها صارت واقعا نعيشه.:
هكذا تحولت وظيفة الأجهزة الأمنية من وظيفة قمعية إلى أجهزة تلتحم مع المواطن وتخاف عليه وتتوسل إليه أن يحمي نفسه .
تساوى الفقير و الغني . كلاهما َمعرض لنفس المصير. ويتلقيان نفس العلاج بنفس المشفى. لا فرق بين وزير أو غفير.
الأطفال يتلقون نفس التعليم وبنفس الوسيلة. وصاروا مراقبين من طرف آبائهم، بعدما كان البعض منهم لا يختلف عن أطفال الشوارع. و الشوارع أضحت نظيفة من الأوساخ المتراكمة، و المشردين َ و المتسولين و النشالين و هناك من يفكر في وضعهم و تم جمعهم في أماكن أجمل و أنظف.كما أن الفقراء يتلقون معونات مادية و عينية..
المقاهي والحانات مغلقة في وجوه الكبار و الصغار والمكان الوحيد المسموح به هو البيت.
فكم من بيت لا يجتمع أفراد الأسرة به إلا نادرا.
وصار العمل غير ذي جدوى مادامت النقود أيضا قد فقدت بريقها أمام أهمية العناية بالإنسان وبنائه نفسيا وجسميا. وهكذا لاحظنا قلة الجرائم .
صار الهواء نقيا خال من تلك الأدخنة الخانقة. كثرت العصافير و ازداد تغريدها..
قل التلوث البحري وظهرت انواع من الأسماك كانت لا تطفو على السطح.. ثقب الأوزون بدأ يلتئم و أهم شيء على الإطلاق هو الدعوة إلى توقف الحروب على الصعيد العالمي. أليست هذه طفرة جيدة. سيعم السلام العالم من كان يصدق. ألا نسير نحو إلدورادو جديد؟
فهل نحن أمام إلغاء الصراع الطبقي داخل المجتمعات و على المستوى العالمي أيضا .؟ ليس كما كان يبشر به الكاتب الأمريكي ماركوز في( الإنسان ذو البعد الواحد). وما سيأتي سيكون أحسن و أجمل. لكن إن كنا نتضرع لله بتخفيف الوباء ورفعه بالمرة و عودة الحياة إلى مجراها فلا نريد الانتكاس. نتمنى أن تختفي كل الشرور من العالم. فهل هذا ممكن.؟
عمر بنحيدي 2020/16/4
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق